عمر بك لطفي أحد مؤسسي النادي الأهلي
عمر لطفي يعتبر واحد من الرواد الذين حجب فكرهم عن الناس عدم اهتمام الدارسين بهم فهو من رواد النهضة التعاونية بمصر.وأحد مؤسسي النادي الأهلي ورفيق كفاح رواد الحركة الوطنية المصرية( مصطفي كامل ومحمد فريد وطلعت حرب وسعد زغلول)
اختاره المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي واحد من أعظم عشرة رجال في تاريخ مصر في خمسين سنة فذكره مع (مصطفي كامل ومحمد فريد ومحمد عبده وسعد زغلول وعلي مبارك وعبد الله النديم وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وطلعت حرب)
ولد عمر لطفي بك سنة 𝟏𝟖𝟔𝟕 م بمدينة الإسكندرية وترجع أصوله إلي أسرة مغربية وفدت إلي مصر في عهد محمد علي وكان رئيسها من كبار الرجال في المغرب وممثلها لدي الحكومة المصرية.
تلقي العلم في مدرسة الجمعية الخيرية التي أسسها عبد الله النديم وحفظ بها القران الكريم ثم انتقل إلي القاهرة وعاش في بولاق وأتم دروسة بمدرسة الفرير الفرنسية. ثم التحق بمدرسة الحقوق و تخرج فيها سنة 𝟏𝟖𝟖𝟔 م
عمل في قلم قضايا الحكومة, ثم في مكتب سعد زغلول للمحاماة ثم قاضيا بمحكمة قنا, إلا أنه فضل الإستمرار في مجال التعليم إلي أن أصبح وكيلا لمدرسة الحقوق وعمره 𝟑𝟖 عاما, ثم بعد ذلك ترك مدرسة الحقوق وافتتح مكتبا للمحاماة و ظل يعمل محاميا الي أن توفي بالقاهرة في 𝟏𝟒 نوفمبر عام 𝟏𝟗𝟏𝟏 م.
كان عمر لطفي أحد رواد الحركة التعاونية علي المستوي العالمي, وأطلق عليه أبو التعاون في مصر, فعندما رأي اشتداد الأزمة المالية سنة 𝟏𝟗𝟎𝟕 وما كان يتكبده الفلاح من ظلم المرابين والمضاربين أخذ يبحث عن طوق نجاة من هذه الأزمات. وبعد دراسته في إيطاليا سنة 𝟏𝟗𝟎𝟖 م للتعاون الزراعي رأي أن تقتدي الحكومة المصرية بما فعلته ألمانيا وإيطاليا بإنشاء نقابات زراعية في كل بلدة تساعد الفلاحين بدلا من المرابين والمضاربين فلم توافق الحكومة علي إقتراحه, فلجأ بعدها إلـي إنشاء النقابات الزراعية للإقراض والتسويق التعاوني للحاصلات, ثم دعا لإنشاء الجمعيات التعاونية وأطلق عليها شركة التعاون المنزلي وأنشأت بالفعل بالقاهرة ثم باقي المدن الكبري في مصر مثل الإسكندرية والمنصورة والمنيا والمنوفية وحلوان, وكان يطوف بجميع أنحاء مصر لينشر دعوته بتأسيس النقابات والتعاونيات, وساعده مصطفي كامل في كشف فوائد التعاونيات للشعب وهو ما يتعارض مع أطماع الإحتلال.
يعد عمر لطفي المؤسس لأول نقابة عمالية في مصر وهي نقابة عمال الصنائع اليدوية. عندما بدأ مصطفي كامل وجمع من أصدقائه التفكير في إنشاء نادي المدارس العليا في أكتوبر سنة 𝟏𝟗𝟎𝟓 وبعد جمع رأس المال اللازم لبناء النادي اجتمعت أول جمعية تأسيسية لنادي طلبة المدارس العليا يوم الجمعة 𝟖 ديسمبر 𝟏𝟗𝟎𝟓 بأحد قاعات مدرسة الطب لإنتخاب مجلس إدارة النادي وأسفرت عملية الإنتخاب عن إختيار عمر لطفي بك رئيسا للنادي الذي تضاعف عدد أعضاءه خلال ثلاث سنوات, قبل أن يصبح نادي الطلبة والعقل الوطني الذي تجمع حوله أبطال الحركة الوطنية ومنه كانت تخرج المظاهرات ضد الإنجليز عند أي حادث وطني, ومنه ظهرت فكرة إنشاء النادي الأهلي للرياضة البدنية.
وعلي الرغم من أن عمر بك لطفي صاحب فكره التأسيس, وكما ذكر حسن المستكاوي في سرده لحلقات المئوية, فإنه قد أعطي المثال الأول في إنكار الذات لصالح النادي الأهلي عندما اختار ميشيل أنس لرئاسه النادي علي الرغم من أنه صاحب الفكرة وذلك لتفضيله مصلحة النادي علي مصلحته الشخصية بدون الدخول في تفاصيل أكثر لكن يبقي الموقف علامة مؤثره في نشأة نادي يقوم علي القيم و المبادئ.
تناول عمر لطفي في أبحاثه الدعوي الجنائية وحق الدفاع وحرمة المساكن ولفتت أبحاثه النظر إلي الفكر العربي الإسلامي, حيث استقبلت الدوائر القانونية الأوروبية بتقدير كبير مؤلفاته وأبحاثه في مجال القانون والشريعة الإسلامية. ولعله أول المنادين بتحرير المرأة في رسالته’ حق المرأة’ التي طبعت في القاهرة عام 𝟏𝟖𝟗𝟕 قبل كتاب قاسم أمين تحرير المرأة, وكانت خلاصة محاضرة باللغة الفرنسية ألقاها في سبتمبر عام 𝟏𝟖𝟗𝟔 وأبان فيها حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية وقارن بينها وبين ما للمرأة الغربية من حقوق وكيف أن الجنس اللطيف كما كانوا يسمونه وجد من الشريعة الإسلامية حماية لم يجدها في القوانين القائمة آنذاك.
أصدر الراحل عدد من المؤلفات أهمها: “”الدعوة الجنائية في الشريعة الإسلامية, حرمة المساكن, حق المرأة, حق الدفاع, الإمتيازات الأجنبية, الوجيز في شرح القانون الجزائي, شركات التعاون في مصر”” وكان لهذه المؤلفات صدي بعيد في أفاق الكليات الأوروبية قبل أن يسمع بها العالم الإسلامي. وعند موته رثاه أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدتين قال في أولاهما:
قفوا بالقبور نسائل عمر متي كانت الأرض مثوي القمر.
سلوا الأرض هل زينت للعليم وهل أرجت كالجنان الحفر.
وهل قام( رضوان) من خلفها يلاقي الرضي النقي الأبر؟
فلو علم الجمع ممن مضي تنحي له الجمع حتي عبر
إلي جنة خلقت للكريم ومن عرف الله أو من قدر
وقال في الثانية:
اليوم أصعد دون قبرك منبرا وأقلد الدنيا رثاءك جوهرا
وأقص من شعري كتاب محاسن تتقدم العلماء فيه مسطرا
ذكرا لفضلك عند مصر وأهلها والفضل من حرماته أن يذكرا
العلم لا يعلي المراتب وحده كم قدم العمل الرجال وأخرا